من أنا

صورتي
أنا انسان ... وطني الأرض ... قومي البشر

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

من سخريات العصر .... وفشل المربين



    عندما ضاقت به غرفته الخاصة التي تخضع لرقابة حصينة ..عندما ضاقت به غرفة المعيشة  التي يحتل فيها التلفاز محل فرد كبير في العائلة( وكأنه مسجل في دفتر العائلة) يجب أن يُسمع ولا أحد ينبس بكلمة ان هو تحدث... عندما ضاقت به مائدة الطعام التي هي مائدة الحوار لكل عائلة بعد يوم منهك من العمل فلم تعد هي  مائدة الحوار لأن قرار الاب هو النافذ ... عندما ضاق به البيت الذي وضع له خطة دراسته و زواجه و طريقة أكله وربما كيفية صلاته ....فأصبح لا هو هو ولا هو هم !!!
 
    وعندما ضاقت به غرفة الصف.. غرفة الحوار العقيم .. غرفة الحوار بالعصا ... غرفة حشو العقول بالتاريخ المضلل ... بالتربية الاسلامية الضعيفة ... باللغة العربية الركيكة ... فتخرّج من المدرسة بالكاد يعرف عن دينه وتاريخه شيئا .. ولا يستطيع أن يعطيك جملة صحيحة بلغته الأم .. أو أن يتحدث عن نفسه بطلاقة باللغة الاجنبية التي تعلمها !!!
 

 و عندما ضاقت به الجامعة حيث أُجبر على اللّهث وراء المظاهر و تبذير الاموال هنا وهناك من أجل أن يكون الأفضل بين الشلة ....ضاقت به الجامعة عندما يدخل استاذ المادة وهو لا يعلم  أين هم الان في المادة ...ضاقت به الجامعة عندما كان يتوقع أن يرى أمامه علماء و نوابغ ...ليس أستاذا يطرده من القاعة لأنه ناداه باستاذ بدلا من دكتور  !!! ضاقت به الجامعة .. عندما ألصقت به تهما وأصبح اسمه يلف جدران الجامعة على لوائح التحقيق لأنه أراد يوما أن يفعل شيئا ليس لأنه يخالف القانون انما لأنه يخالف عقلية رجل الأمن الذي وجده متلبسا بفعلته مع العلم أن رجل الامن هذا  لا يتعدى مستوى دراسته الثانوية العامة...
ضاقت بها الجامعة .. عندما طُردت من العمل في مجلة الجامعة لأن مظهرها محتشم .. لأنها ببساطة محجبة ....
فتخرّج  وهو يعاني من صراع قكري ..غربة روحية ..عقل متّهم .. نفس معتقلة ...


ضاقت بنا الحياة عندما ...أصبحنا ان حاولنا اخراج رؤوسنا من خارج ذلك الصندوق الذي صنعه لنا أمهاتنا وأباؤنا وأساتذتنا وحُكامنا وأنظمتنا  ... أصبحنا متهمين!!!

وسط ذلك الاضهاد الذي عانى منه العقل والروح ... أصبح الفيس بوك وتويتر وغير ذلك من مواقع التواصل الاجتماعي ملاذا لجميع المطهدين من فئة الشباب ...
يُخرج كل منا ما في جعبته ليشارك بها الاخرين .. فهنا لا أكمام و لا أغلال ...


حقا أتعجب من الأخصائيين الاجتماعيين و النفسيين  الذين يخروجون بدراسات وأبحاث تدرس سبب الادمان على مواقع التواصل الاجتماعية ... انهم حقا مثيرون للسخرية !!

ومشرفو مختبرات الانترنت في الجامعات لم تنجح كل محاولاتهم في اقناع الطلبة بعدم فتح مواقع التواصل الاجتماعي.. ليس لشيء.. الا لأنه لن يجد حجة مقنعه ان دخل العميد  ورأى معظم الطلاب قابعون أمام الفيسبوك , فرتأى هذا المشرف لأن يحجب جميع مواقع التواصل الاجتماعي عن الطلبة , ثم يتعلم الطلبة طريقة ما لفتح هذه المواقع , ثم يكتشف المشرف ذلك ,ثم يكتشف الطلبة طريقة أخرى ...وهكذا...  انها معركة ... بل مهزلة !!!


أما تلك الأم وذاك الأب الذان تنبحّ حنجرتهما وهما يناشدان ابنهما ليترك جهازه ويجلس مع العائلة .. انهم حقا مثيرون للشفقة !!


وفي النهاية لأضحككم ...نجح العديد من الاباء والامهات والمربين دخول عالم الفيس بوك لكنهم يخشون الاندماج به لأنهم يعلمون أنهم إن دخلوه فسيحيلوه الى سجن اخر .. الى معتقل .. فالسجان غالبا ما يخشى السجين بعد حصوله على حريته !!!